واقع الدراما الأردنية.. النوباني والأسعد في حوار مع "الدار"

زهير النوباني وساري الأسعد
زهير النوباني وساري الأسعد
رغم ما حققته الدراما الأردنية من نجاحات على مدار العقود الماضية، إلا أنها شهدت تطورات وتحديات، ما بين الماضي والحاضر، سواء من حيث الإنتاج، أو القضايا المطروحة، أو التقنيات المستخدمة.

الدار -   نيفين حداد-  منذ انطلاق الدراما الأردنية مع تأسيس التلفزيون الأردني عام 1968، لعبت الدراما الأردنية دورًا محوريًا في المشهد الفني العربي، حيث بدأ الإنتاج الدرامي بمسلسل باب العمود عام 1968، ثم توالت الأعمال، وكان من أبرزها وضحا وابن عجلان عام 1975، الذي يعد من أوائل المسلسلات البدوية المصورة بالألوان.
ورغم ما حققته الدراما الأردنية من نجاحات على مدار العقود الماضية، إلا أنها شهدت تطورات وتحديات، ما بين الماضي والحاضر، سواء من حيث الإنتاج، أو القضايا المطروحة، أو التقنيات المستخدمة.
وأجرى موقع "الدار" الإخباري مقابلات مع نخبة من رواد الدراما الأردنية، منهم الفنان القدير زهير النوباني، والفنان ساري الأسعد نقيب الفنانين الأسبق، للوقوف على واقع الدراما، ومقارنة بين الماضي والحاضر، واستعراض أبرز التحديات التي تواجهها.

تراجع الدراما الأردنية رغم توفر الإمكانيات

الفنان زهير النوباني في حواره مع "الدار"، أن الدراما الأردنية تمر بحالة سبات وتراجع، رغم توفر كافة المقومات التي تضمن لها النجاح، مثل الممثلين المبدعين، والمخرجين الأكفاء، والكتاب الموهوبين، بالإضافة إلى توفر التقنيات الحديثة، لكنه أرجع هذا التراجع إلى سوء إدارة الملف الثقافي والفني على مستوى الدولة.
وأضاف النوباني: "المشكلة ليست في قلة الإمكانيات، بل في غياب التخطيط والإدارة الصحيحة لهذا القطاع، الجهات المعنية لا تدرك أهمية الدراما من الناحية الإعلامية والاجتماعية والاقتصادية".
الدراما كأداة للترويج السياحي والوعي المجتمعي
وأشار إلى أن الأردن يمتلك مواقع طبيعية وسياحية وتاريخية فريدة، يمكن استثمارها في الإنتاج الدرامي لتقديم صورة مشرقة عن البلاد، ما يساهم في الترويج للسياحة، كما شدد على أهمية الفن في نشر الوعي المجتمعي، حيث يمكن للدراما أن تلعب دورًا كبيرًا في تسليط الضوء على الظواهر السلبية، مثل حوادث السير وعدم الالتزام بالقوانين.
"وتابع النوباني: "الدراما ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل أداة لنشر القيم الإيجابية والتأثير على سلوك الأفراد، الدول التي استثمرت في الدراما، مثل تركيا، حققت مكاسب اقتصادية وسياحية هائلة".
ما الذي تحتاجه الدراما الأردنية للوصول إلى العالمية؟

يرى النوباني أن الدراما الأردنية تمتلك جميع مقومات النجاح، لكن ما ينقصها هو الإتقان والاحترافية، قائلاً : "لدينا كل عناصر النجاح، لكن المشكلة تكمن في غياب الحرفية في التنفيذ، تمامًا كما لو كان لدينا كل مكونات المنسف، لكن الطاهي لا يعرف كيف يطبخه".
المسلسلات الرقمية وتأثير السوشيال ميديا
مع التطور التكنولوجي، بدأت المسلسلات القصيرة والرقمية تفرض نفسها على الساحة، حيث أصبح لمؤثري وسائل التواصل الاجتماعي دور متزايد في الإنتاج الدرامي، وعن هذا التوجه الجديد.
أكد النوباني أن جودة المحتوى هي المعيار الأساسي للنجاح، وليس فقط الأسماء المشاركة فيه، مبيناً أن الإبداع مطلوب، لكن بشرط أن يكون العمل متقنًا، ممتعًا، ومفيدًا، بعيدًا عن السطحية والسخافة، الفن يجب أن يرتقي بمستوى المشاهد فكريًا وذوقيًا.
وفي ختام حديثه، شدد النوباني على ضرورة مواصلة النقاش حول هذه القضايا، مؤكدًا أن الدراما ليست مجرد ترفيه، بل قوة ناعمة تؤثر في المجتمع، والاقتصاد، والسياسة.
الدراما الأردنية بين الماضي والحاضر: رؤية الفنان ساري الأسعد
في السبعينيات والثمانينيات، كانت الدراما الأردنية تعتمد على عدد محدود من الإنتاجات التي ركزت على القضايا الاجتماعية البسيطة والقصص التقليدية، آنذاك، كان هناك تعاون كبير بين التلفزيون الأردني والمنتجين المحليين والعرب، مما ساهم في إنتاج أعمال تلامس الواقع الأردني والعربي.
ومن أبرز تلك الأعمال مسلسل الدوار، الذي كان يعكس الحياة اليومية للأسر الأردنية، ولكن، كيف يرى الفنانون اليوم واقع الدراما الأردنية مقارنة بالماضي.
الدراما الأردنية في الماضي... كانت الأقرب إلى وجع الناس
وأكد الفنان ساري الأسعد أن الدراما الأردنية في الماضي كانت أكثر ارتباطًا بقضايا المجتمع، حيث كانت تعكس هموم الناس وتعالج مشاكلهم، بينما تراجعت اليوم، وأصبحت تركز على الإثارة وجذب المشاهدات فقط، دون تقديم مضمون هادف.
وقال الأسعد :"الدراما في الماضي كانت الأجمل، لأنها كانت تعكس وجع الناس وهمومهم، أما الآن، فقد أصبحت بعيدة عن الواقع، وتركز على إثارة الجدل فقط".
لماذا يميل المشاهد للأعمال السطحية؟
عند سؤاله عن سبب ميل الجمهور نحو الأعمال الترفيهية السطحية، أوضح الأسعد أن المجتمعات فقدت الكثير من قيمها الثقافية والفكرية، مما جعل الجمهور يبحث عن التسلية، دون التركيز على جودة المحتوى.
وأضاف : "للأسف، مجتمعاتنا تفقد قيمها وثقافتها، وأصبحنا نبحث عن التفاهة بدلًا من المضمون، حتى في رمضان، نجد أن المحتوى أصبح مليئًا بالمشاهد غير اللائقة، رغم قدسية الشهر".
التوجه نحو الدراما الرقمية وصناع المحتوى
وحول إنتاج مسلسلات قصيرة بمشاركة مؤثري السوشال ميديا، يرى الأسعد أن الفكرة ليست خاطئة، لكنها تحتاج إلى تخطيط مدروس، "قائلاً : " أنا لست ضد التعاون مع صناع المحتوى، لكن يجب أن يكون هناك قصة وحبكة درامية محترمة، لا يمكن اختيار ممثلين فقط لأنهم مشهورون على السوشيال ميديا دون النظر إلى قدراتهم الفنية".
هل الدراما الأردنية في أزمة؟
وبحسب الأسعد، فإن الدراما الأردنية والعربية تمر بأزمة حقيقية، ويجب العمل على حلها من خلال العودة إلى تقديم محتوى يعكس الواقع الاجتماعي، قائلاً : " الحل الوحيد هو أن نكون أبناء مجتمعنا ونتحدث عن هموم الناس، يجب أن نناقش البطالة، العنف الأسري، العنف الجامعي، والفقر، بدلًا من تقديم أعمال سطحية لا تمثل واقعنا".
وأضاف، أن الدراما الأردنية تحتاج إلى إعادة بناء على أسس حديثة تواكب عقلية الجيل الجديد، بدلًا من تقديم محتوى قديم لا يتناسب مع تطورات العصر.
يمكن للدراما الأردنية أن تواصل تقديم أعمال قيمة تسهم في نقل الثقافة الأردنية إلى العالم العربي، بل والعالم أجمع، من خلال تحسين جودة الإنتاج، والتوسع في الموضوعات المطروحة، والارتقاء بالمحتوى الفني.

أخبار متعلقة