المومني: المؤتمر قد يشكل فرصة للتأثير على
القرار الأمريكي فيما يتعلق بحل الدولتين
وينظر المراقبون باهتمام بالغ للمؤتمر، ويعتقدون أنه سيكون
مختلفا عن كل ما عقد من مؤتمرات دولية وإقليمية خصصت لحل الصراع الفلسطيني
الإسرائيلي على مدار السنوات الماضية.
منذ اتفاقية أوسلو عام
1993 ، نجح الاحتلال على مدار السنوات التي تلت ذلك،بتفريغ مفهوم حل الدولتين من
مضمونه، سياسيا عن طريق افشال جولات المفاوضات المتعددة التي عقدت مع الفلسطينيين
برعاية أمريكية، وصولا الى قرار الكنيست في تموز من العام الماضي برفض إقامة دولة
فلسطينية، كما أفشلته ديمغرافيا من خلال تقطيع أوصال الضفة الغربية بمصادرة الأراضي
وبناء مزيد من المستوطنات والطرق الالتفافية والبؤر الاستيطانية، وتهجير السكان الفلسطينيين،
بحيث أاصبح مفهوم حل الدولتين مجرد شعار أو "كلاشيه" يردده الدبلوماسيون
في كل مناسبة تتعلق بالقضية الفلسطينية.
وبحسب مراقبون فإن الحرب الإسرائيلية على غزة وما رافقها من
فضائع ارتكبها الاحتلال ولايزال بحق الفلسطينيين أعادت الزخم للقضية الفلسطينية
ولمفهوم حل الدولتين، ودفعت العديد من دول العالم وعلى رأسها الدول الأوروبية نحو
حقيقة واحدة مفادها انه لا حل لهذا الصراع ، إلا بقيام دولة مستقلة للفلسطينيين في
إطار مفهوم حل الدولتين.
فمن أين تأتي أهمية مؤتمر نيويورك، خاصة وأن اللاعب الرئيسي
في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهي الولايات المتحدة، تقاطع المؤتمر ، وتعتبر أن لا فائدة منه،
وأنه مجرد دعاية لن تستفيد منه إلا حركة حماس. وما دامت هذه هي الحال فهل سيتمكن
المؤتمر من اتخاذ قرارات تؤدي فعليا إلى إحياء حل الدولتين، والمضي قدما بتنفيذه؟؟.
"الدار الإخباري" طرح هذه التساؤلات على كل من
المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات، ومدير مركز الدراسات الإستراتيجية في
الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني.
يقول الدكتور الحوارات أن هذا المؤتمر مهم للغاية نظرا لإن الراعيان
للمؤتمر هما، دولة كبرى وهي فرنسا الدولة الدائمة العضوية في مجلس الامن والمملكة
العربية السعودية بما تشكله من ثقل على المستوى الدولي.
وأضاف أن هنالك امتعاض
غربي كبير من سلوك "إسرائيل" المقوض للاستقرار في المنطقة، والذي يحاول
إعادة رسم الخرائط خارج إطار سايكس بيكو، في محاولة من اسرائيل للسيطرة والهيمنة،
وهنالك إدراك فرنسي ألماني بريطاني أن هذه الخطوة قد تجر المنطقة لأتون صراع طويل قد يدفع بموجات كبيرة من اللاجئين، لذلك
هناك توجه للعودة الى المنطقة بصيغتها التقليدية، تبدأ من فلسطين بمعنى الاعتراف
بالدولة الفلسطينية التي اقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في القرار 181 .
ويتابع الحوارات، بالتالي هنالك إدراك فرنسي عميق بضرورة العودة
للصيغة التي أوجدت دولة الاحتلال ولم تحقق قيام دولة فلسطينية، فالفرنسيون مقتنعون
أنه ما لم يتحقق ذلك فان الاستقرار في المنطقة سيبقى منقوصا.
ويرى الحوارات أنه ولذلك
تسعى فرنسا لفرض مواجهة مع خطة الإحتلال التي تهدف لدفن حل الدولتين، تبدأ من
فرنسا والسعودية ومجموعة من الدول. و حسب الحوارات، من الواضح أنها ستتوسع لتفرض أمرا
واقعا على الصعيد الدبلوماسي القانوني الدولي، يعارض ويقف بوجه القرار الإسرائيلي
بدفن حل الدولتين وهذه هي نقطة الأهمية بهذا الموضوع.
ويؤكد الحوارات أن عدم مشاركة الولايات المتحدة في المؤتمر
حتما سيؤثر على مخرجاته وقال إن أمريكا منذ البداية ضد المؤتمر .
بالنسبة للدكتور المومني فإن أهمية المؤتمر تأتي من توقيته
فهو ينعقد على خلفية التطورات غير المسبوقة الجارية في غزة، إضافة إلى ما شهدته
المنطقة خلال الشهور الماضية من تصعيد عسكري كبير.
ويرى المومني أن
أهمية المؤتمر تأتي أيضا من أهمية الراعيين له، وهما فرنسا والمملكة العربية السعودية،
اللتان تسعيان من خلال وزنهما على الساحة الدولية في إيجاد حل مبني على مفهوم حل الدولتين
مشيرا إلى أهمية هذا الأمر في الوقت الراهن.
ويعتقد المومني أن
انعقاد هذا المؤتمر يعزز الجهد الدولي والعربي لزيادة الاعتراف الدولي بالحق الفلسطيني وصولا لتطبيق حل الدولتين.
غير أن المومني يرى أن
ما فعلته إسرائيل على الأرض خاصة في غزة والضفة الغربية خلال الأشهر الماضية عقد
موضوع تنفيذ حل الدولتين، رغم أن كل الظروف الراهنة ساعدت على إحياء هذا المفهوم ،وهو
الامر الذي انعكس بحدوث موجة من الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية، داعيا
للنظر إلى المؤتمر في سياق كلي .
ويؤكد المومني أيضا ان المقاطعة الأمريكية ستؤثر على مخرجات
المؤتمر وإمكانية تطبيقها، انطلاقا من أن أمريكا هي اللاعب الأكثر أهمية في
الصراع.
غير أنه يرى أن
المؤتمر قد يكون فرصة للتأثير على القرار الأمريكي بأن يتعاطى مع كتلة دولية تؤيد
تنفيذ حل الدولتين.
أما فيما يتعلق بإمكانية الوصول إلى صيغة تسهم فعاليا في
تنفيذ حل الدولتين، يرى المومني أن ذلك يعتمد على فاعلية الأطراف واستمرار الزخم
الدولي ومتابعة ما يتم الاتفاق عليه في هذا المؤتمر من جميع الأطراف.
ينظر كثيرون إلى المؤتمر بوصفه محاولة دولية أخيرة لإحياء
المسار السياسي نحو حل الدولتين، في ظل انسداد أفق المفاوضات وتواصل العدوان على
غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس المحتلة.
ويهدف المؤتمر إلى
المساعدة على إنهاء الاحتلال وتجسيد قيام دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة التي
تعيش جنبا إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل.