بعد وقف إطلاق النار.. هل يتحقق التعافي الاقتصادي في غزة؟

قطاع غزة
قطاع غزة
مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في قطاع غزة، برزت مؤشرات الانهيار العميق في المنظومة الاقتصادية في القطاع، إلى جانب التراجع الحاد في القاعدة الإنتاجية للضفة الغربية وارتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة خلال عام 2024.
الدار - مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في قطاع غزة، برزت مؤشرات الانهيار العميق في المنظومة الاقتصادية في القطاع، إلى جانب التراجع الحاد في القاعدة الإنتاجية للضفة الغربية وارتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة خلال عام 2024.
يُصنَّف الاقتصاد الفلسطيني كاقتصاد خدمي، حيث تشكل الخدمات حوالي 65% من مجمل الاقتصاد، بينما القطاعات الإنتاجية الداعمة له لا تتجاوز 20%. يشير ذلك إلى حساسية الاقتصاد الفلسطيني تجاه الصدمات، لكنه يتميز بقدرة أسرع على التعافي كونه اقتصادًا متغيرًا.
وفي تقرير سابق لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، اطلعت عليه "الدار"، أكد أن التعافي الاقتصادي في غزة لن يتحقق بمجرد تنفيذ وقف إطلاق النار، نظرًا لحجم الدمار وضعف القدرة على الوصول إلى الموارد، بما في ذلك المواد والمعدات بفعل الحصار المفروض على غزة.
ومع إعلان وقف إطلاق النار، تُشير تقديرات دائرة الإحصاء الفلسطيني إلى استمرار الانكماش الحاد في الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة، حيث ارتفع معدل البطالة إلى 80%. كما امتد التراجع إلى اقتصاد الضفة الغربية بنسبة تزيد عن 19%، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 35%. وأدى ذلك إلى انخفاض الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 28%، ما رفع معدل البطالة الإجمالي إلى 51% بنهاية عام 2024.
أنشطة اقتصادية متآكلة
خلال عام 2024، شهدت معظم الأنشطة الاقتصادية في فلسطين تراجعًا مقارنة بعام 2023. كان قطاع الإنشاءات الأكثر تضررًا، حيث سجل انخفاضًا بنسبة 46% (30% في الضفة الغربية و90% في غزة)، لتصل قيمته إلى 1.38 مليار دولار.
كما تراجع النشاط الزراعي بنسبة 32% (17% في الضفة الغربية و91% في غزة)، لتصل قيمته إلى 564 مليون دولار. أما قطاع الخدمات، فقد سجل انخفاضًا بنسبة 27% (17% في الضفة و81% في غزة)، لتصل قيمته إلى 6.453 مليار دولار، وفق بيانات دائرة الإحصاء الفلسطيني.
الفقر ومستويات المعيشة
تجاوزت معدلات الفقر في غزة مفهومها التقليدي. فقبل العدوان الإسرائيلي، كانت معدلات الفقر تتجاوز 63%، حيث بلغ حد الفقر في فلسطين حوالي 2.717 شيكل، وخط الفقر المدقع حوالي 2.17 ألف شيكل.
لكن مع استمرار العدوان، تراجع إجمالي الاستهلاك بنسبة 24% (13% في الضفة و80% في غزة)، ما يعكس مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي، خاصة في قطاع غزة.
وشهدت الأسواق الفلسطينية ارتفاعًا كبيرًا في أسعار السلع الأساسية، بالتزامن مع تراجع القوة الشرائية، ما أثر بشكل حاد على الفئات الأكثر فقرًا وهشاشة.
تراجع القوة الشرائية
ارتفع مؤشر غلاء المعيشة في فلسطين خلال عام 2024 بنسبة 53.67%، ما أدى إلى تراجع القوة الشرائية بنسبة 34.93%. كان التأثير الأشد في قطاع غزة، حيث تراجعت القوة الشرائية بنسبة 70.41%، مقابل 3.7% في القدس، و2.42% في الضفة الغربية.
السبب الرئيسي لارتفاع غلاء المعيشة يعود إلى زيادة أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية بنسبة 59.05%. وشملت هذه الزيادة الخضروات المجففة (369.24%)، البطاطا (224.61%)، السكر (219.39%)، والبيض (157.59%). كما ارتفعت أسعار الزيوت النباتية بنسبة 45.20% واللحوم الطازجة بنسبة 43.64%.
ارتفعت أيضًا أسعار النقل بنسبة 32.20%، وأسعار مجموعة المسكن والمياه والكهرباء والوقود بنسبة 24.29%. أما المشروبات الكحولية والتبغ، فسجلت زيادة غير مسبوقة بنسبة 510.59%.
الاقتصاد الفلسطيني في مأزق
أكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقريره أن الحرب في غزة دمرت الاقتصاد الفلسطيني بشكل كبير. فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 35% منذ بداية الحرب، وتراجعت مستويات التنمية في قطاع غزة إلى ما كانت عليه في خمسينيات القرن الماضي.
وفي ظل هذه التحديات الهائلة، يبدو أن التعافي الاقتصادي في غزة سيتطلب جهودًا طويلة الأمد وإجراءات استثنائية للتخفيف من آثار الدمار والحصار المفروض على القطاع.

أخبار متعلقة