الخطة التي أعدتها مصر، وبحثها الزعماء العرب خلال قمة طارئة بشأن غزة في القاهرة، الثلاثاء الماضي، تبلغ قيمتها 53 مليار دولار، وتركز على إعادة إعمار القطاع والإغاثة الطارئة والتنمية الاقتصادية.
خطة، لم تكد ترى النور حتى جاء الرد من الإدارة الأميركية بالرفض. البيت الأبيض قال إن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" متمسك بمقترحه المتمثل بإعادة بناء بناء غزة خالية من حركة حماس.
من جانبه، أشار المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي "بريان هيوز" إلى أن الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة، وتبنتها الدول العربية، لا تعالج حقيقة أن غزة لم تعد تصلح للسكن حاليا، كونها مغطاة بالحطام والذخائر غير المنفجرة، مضيفا أن واشنطن تتطلع إلى مزيد من المحادثات لإحلال السلام والازدهار في المنطقة.
الرفض الأمريكي، قابله أيضا رفض إسرائيلي للخطة المصرية، حيث قالت الخارجية الإسرائيلية إن خطة إعادة الإعمار "لم تتناول" حقائق الوضع بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023. كما جددت تل أبيب دعمها لمقترح الرئيس الأمريكي الذي يهدف إلى نقل الفلسطينيين إلى خارج القطاع، قائلة إن الدول العربية رفضتها دون إعطائها فرصة.
يبرز هنا سؤال عن مصير الخطة المصرية في ظل تمسك ترامب بخطته المقترحة حول تولي الولايات المتحدة إدارة قطاع غزة، وتهجير الفلسطينيين من القطاع إلى مصر والأردن، ومن ثم تطويره إلى ما أسماه ترامب بـ "ريفييرا الشرق الأوسط"؟!
ما زالت آليات تطبيق الخطة المصرية ممكنة رغم العراقيل التي تحيط بها، خاصة أن القمة رفضت التهجير جملة وتفصيلا، فتهجير الفلسطينيين غير ممكن كونه يحمل تداعيات كارثية على أمن المنطقة، خصوصا في مصر والأردن. فالمادة الـ 49 من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر تهجير السكان الفلسطينيين المحميين، ووفقا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن التهجير يعتبر جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.
هنا، لا بد من سعي حثيث من جانب الدول العربية لإقناع ترامب وإدارته بخطتهم، خاصة وأن حركة حماس وافقت على استبعادها من الإشراف على عملية إعادة الإعمار أو إدارة القطاع، لكنها رفضت بشكل قاطع مناقشة مسألة نزع سلاحها.
لا بد من الحديث عن دور السعودية في الضغط ربما على الإدارة الأمريكية. فموقف المملكة الرافض للتطبيع دون الحصول على ضمانات لإقامة دولة فلسطينية، كذلك ما تحدث عنه ترامب حول موافقة السعودية على استثمارات في الولايات المتحدة بقيمة تريليون دولار، الأمر الذي يشكل ورقة ضغط بيد الرياض في وجه واشنطن فيما يتعلق بإعادة إعمار غزة.
زخم الحراكات والترتيبات المتعلقة بوقف إطلاق النار في غزة، شهد تطورات لافتا أيضا، وهو دخول واشنطن في مفاوضات مباشرة مع حركة حماس. وهو أمر له تداعيات ودلالات على مسار المفاوضات المتعلقة بوقف الحرب في غزة، أبرزها دفع تل أبيب، ربما، للعودة إلى مفاوضات المرحلة الثانية والثالثة من اتفاق وقف إطلاق النار أو ربما لأهداف أخرى لم تظهر للعلن، خاصة أنه لم يرشح الشيء الكثير عن ذلك التفاوض بين واشنطن وحماس.
لا بد من القول إن الخطة المصرية فتحت شهية رجل الأعمال - ترامب - على الرغبة في إعادة الإعمار، من خلال تركيزها على الجوانب الاقتصادية والمالية، وهو الذي ربما سيحقق جزءا من أحلام الرجل عبر بوابة الاستثمار، مقابل وقف التهجير، وهو ما يؤدي، ربما، إلى موافقته على الخطة المصرية.