الصراع الذي بدأ بتنفيذ الاحتلال الإسرائيلي ضربات مباغتة على طهران فجر الجمعة الماضية دخل يومه السابع دون أي بوادر حقيقية وملموسة لوجود حل دبلوماسي على المستوى القريب على الأقل.
ووفقا لكافة المعطيات على الأرض فإن تنفيذ الولايات المتحدة الأمريكية لأي عدوان عسكري مباشر على إيران سيوسع هذا الصراع وسيدخل أطرافا أخرى فيه، لا سيما تلك المحسوبة على إيران في المنطقة، مثل الحوثيين، حزب الله، والحشد الشعبي في العراق.
-إيران توجع "إسرائيل" بضربة صاروخية
واستطاعت طهران صباح الخميس توجيه ضربة قاسية لتل أبيب باستهداف صاروخي خلف عشرات الإصابات في مدن مختلفة من مدن الداخل المحتل عام1948.
هذه الضربات الإيرانية جاءت بعد تقديرات لتقارير إعلامية زعمت أن طهران فقدت قدراتها الصاروخية جراء الضربات الإسرائيلية المستمرة على الأرض الإيرانية، لترمي تقديرات جل المحللين بعرض الحائط وتلحق الضربة الأشد قسوة للاحتلال بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023.
إلا أن هذه الضربة الموجعة لتل أبيب تحتم على نتيناهو وأعضاء حكومته من المتطرفين تنفيذ رد أشد وطأة لحفظ ماء وجههم، كما أنها ضربة من شأنها استفزاز الولايات المتحدة الأمريكية التي ستتعامل معها على أساس أن إيران قادرة على تشكيل خطر وجودي على إسرائيل، وهو ما يعد أمرا غير قابل للنقاش من قبل واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي التي باركت هجمات إسرائيل على طهران.
-تقديرات بتوسع الحرب
معلومات وصلت موقع "الدار" نقلا عن مصادر مطلعة على تطورات الأحداث الإقليمية رجحت توسع الحرب بدءا من يوم السبت المقبل.
المصادر رأت أن التدخل الأمريكي ضد إيران بات أمرا محسوما، مبدية مخاوفها من تبعات ذلك الهجوم على دول الإقليم والعالم برمته، لا سيما وأن طهران ستوظف أدواتها، أو ما تبقى من تلك الأدوات لإلحاق الأذى الأكبر بواشنطن وتل أبيب.
وأكدت مصادرنا أن طهران ستتجه إلى إغلاق مضيق هرمز لتشكيل ضغط أكبر على دول العالم لوقف العدوان الإسرائيلي عليها.
ويعد مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية في العالم، حيث يبلغ عرضه حوالي 33 كيلومتراً، بينما لا يتجاوز عرضه الملاحي 3 كيلومترات فقط في كل اتجاه.
ورغم هذا الحجم المتواضع، إلا أن المضيق يُعد أحد أكثر الممرات المائية ازدحاماً على مستوى العالم، نظراً لكونه معبراً أساسياً لنقل النفط والغاز من الخليج إلى الأسواق العالمية.
وبحسب تقارير إدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA) التي اطلع عليها "موقع الدار الإخباري" يمر عبر المضيق ما يقارب 20% من النفط الخام المُتداول عالميا، أي ما يزيد عن 17 مليون برميل يومياً، تأتي من السعودية، العراق، الكويت، الإمارات، وقطر، متجهة نحو آسيا وأوروبا والولايات المتحدة.
كما تُنقل عبره كميات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال (LNG)، خصوصاً من قطر، التي تُعد من أبرز مصدّري الغاز في العالم.
وهذا يجعل المضيق محوريا ليس فقط لتجارة الطاقة، بل أيضاً لاستقرار الأسواق العالمية وأسعار الوقود.
كما ستشرع إيران في محاولة دفع الحوثيين لإغلاق مضيق باب المندب الذي يعدُّ أحد أهم الممرات البحرية الاستراتيجية في العالم، إذ يربط البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي، مشكّلًا حلقة وصل حيوية بين قارتي آسيا وأفريقيا.
ورغم أن الحوثيين حاولوا منذ بداية عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة خنق السفن البحرية المتوجهة إلى الاحتلال ومنعها من عبور المضيق، إلا أن الولايات الكتحدة برفقة دول أوروبية شكلت تحالف بحريا لصد الهجمات الحوثية والسماح بحركة أوسع في الملاحة البحرية.
واستطاع الحوثيين تقييد حركة عدد كبير من تلك السفن ما أفضى إلى إلحاق خسائر كبرى باقتصاد الاحتلال، والاقتصاد العالمي ككل.
ومضيق باب المندب لا يمكن تجاهله، فهو شريان رئيسي لحركة التجارة والطاقة العالمية. تمر عبره يوميا ما يزيد عن 6 ملايين برميل من النفط، إلى جانب آلاف السفن المحمّلة بالبضائع القادمة من آسيا والخليج باتجاه أوروبا وأمريكا.
ويُعد المضيق ممرا إلزاميا للسفن المتجهة إلى قناة السويس، ما يجعله نقطة حرجة في سلاسل الإمداد والتجارة العالمية. وأي اضطراب فيه يؤثر فورًا على أسعار النفط العالمية ويحدث توترات اقتصادية دولية.
هل أذرع إيران قادرة على التأثير؟
ورغم أن الاحتلال الإسرائيلي ألحق خسائر كبيرة في أهم أذرع إيران في المنطقة - حزب الله- إلا أن الأخير أكد مساندته لطهران حكومة وشعبا في تصريحات على لسان أمينه العام عصر الخميس.
ويرجح أن يتدخل حزب الله في محاولة لخلق حالة من التأثير البسيط على تل أبيب في حال شنت أمريكا هجمات ضد طهران.
أما الحوثيين فهم يشكلون اداة هامة لإيران خلال المرحلة الحالية، لا سيما ان تم استثمارها فيما يتعلق بإغلاق مضيق باب المندب وتوجيه ضربات ضد السفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر.
كما أن إيران لا زالت تملك نفوذا هو الأوسع في العراق، ولديها ميليشيات قادرة على تحريكها ضد أهداف محددة سواء اكانت أمريكية أم تابعة للاحتلال.
وفي سياق آخر أدلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتصريحات واضحة أكد خلالها على ضرورة وقف التصعيد بين الأطراف، ظاعيا كل من إيران وإسرائيل للغودة إلى طاولة الحوار.
ونوه بوتين إلى أنه لا يريد أن يفكر باحتمالية اغتيال المرشد الأعلى بإيران، علي خامنئي من قبل تل أبيب أو واشنطن، مشددا على أن الهجمات الإسرائيلية ستزيد من الالتفاف الشعبي في طهران حول قيادتهم.
وكانت الخارجية الروسية حذرت أمريكا من التفكير في دعم الاحتلال عسكريا أو تنفيذ ضربات عسكرية ضد إيران.
هذه المواقف المتباينة تبقي احتمالية توسع الصراع وتنفيذ أمريكا لضربات عسكرية ضد إيران أمرا غير واضح المعالم، وحدثا صعب التنبؤ بوقوعه.