ودع العربية برسالة مؤثرة.. العضايلة مديرا لأخبار قناة المملكة

الزميل عماد العضايلة
الزميل عماد العضايلة
في رسالة مؤثرة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ودع الزميل الاعلامي عماد العضايلة مدير مكتب العربية والحدث في عمان زملائه ورفاقه في المهنة معلنا استقالته من قناة العربية والعربية الحدث
الدار -  كما علم "زاجل" ونشره موقع الدار، قبل أيام قرار مرتقب خلال ساعات يقضي بتعيين مدير مكتب قناة العربية والحدث في الاردن الزميل عماد العضايلة، مديرا للأخبار بقناة المملكة.
وفي رسالة مؤثرة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ودع الزميل الاعلامي عماد العضايلة مدير مكتب العربية والحدث في عمان زملائه ورفاقه في المهنة معلنا استقالته من قناة العربية والعربية الحدث
وتاليا رسالة الزميل العضايلة :
الرسالة الأولى ..
ليس بيانًا صحفيًا… بل خطاب وداع يخطّه القلب، وتغصّ به الحروف.
أطوي صفحةً عصيةً على النسيان، وأفتح صفحة أخرى وأوقد شمعة تجربة جديدة لقلمِ مهنةٍ لا تنكسر.
أكتب من عمرٍ أنهكه الخبر، وسنواتٍ أكلتها التغطيات المتلاحقة.
أكتب من وجعٍ ناعمٍ لا يُرى.. من لحظة ثقيلة على اللسان، حادة على القلب.
أصوغ أحرفي هذه من مكتب العربية والحدث في عمّان… المكان الذي كان فضائي الرحب عندما ضاق بي العالم، وظهرًا صلبا حينما انكسر الوقت. هنا، لم أكن أعمل… بل كنت أعيش.
منذ عام 1995، وأنا أركض، لا خلف الكاميرا فقط، بل خلف نفسي… أبحث عني وسط الزحام، وسط “العاجل” و”نحن الآن مباشرة”.
عملت مصورًا، ثم مراسلًا لMBC، ثم مراسلا للعربية والحدث، لينتهي بي المطاف مسؤولًا عن مكتبٍ كان دومًا نابضًا بالحياة، يفيض بالحكايات الصادقة، ويحتضن بدايات كثيرة.
أعرف المكاتب كما أعرف وجهي. أعرف صوت القهوة في السابعة صباحًا، وأعرف لَعثمة أول “مباشر”، وأعرف كيف يموت الخبر في حلقك حين تكون القصّة أكبر من أن تُروى.
واليوم… أخطّ نهاية فصلي الأخير.
أستقيل من العربية والحدث… وأترك وراء ظهري أكثر من مكتب. أترك ذاكرة متعبة. أترك ضحكة ضاعت بين التقارير، ودمعة خبّأتها عن العدسة، وصوتًا كنت أظنه لي وحدي، ثم اكتشفت أنه كان صوت آلاف لم يسمعهم أحد.
أستقيل من “العربية” و”الحدث”، وأنا أحمل في قلبي امتنانًا لا تسعه السطور.
هي المؤسسة التي كبرت فيها، وتعلمت منها، ومنحتني الثقة في كل خطوة. فيها زملاء صاروا إخوة، وذكريات لا تُنسى، وتفاصيل لا تُمحى.
في هذا المكان، كبرت كما لا يكبر الناس في الأعمار بل في التجارب. هنا تعلّمت أن الحياد لا يعني الجمود، وأن الشجاعة لا تعني عدم الخوف… بل أن تقول الحقيقة رغم خوفك.
هنا قلت أول “جاهز للبث”… وصوتي يرتجف رغم كل ما تمرّنت عليه،
وهنا قلت “انتهينا”، وأطفأت المايك، بينما داخلي كان يصرخ.
هنا كتبت الخبر وقلبي ينكسر، وهنا نقلت الصمت الذي كان يصرخ أكثر من كل الكلمات.
وهنا… كان سعد السيلاوي، كان الروح التي لا تُرى، لكنه يُشعرك بأنك بخير.
كان لا يسمح لك أن تتهاوى، ولو كنت على وشك السقوط.
كان من النوع الذي لا يقول الكثير، لكنه يمنحك ما هو أعمق من الكلام: الثقة، والإيمان، والدفء.
حين رحل، ترك كل شيء على حاله… إلا قلوبنا، فقد تغيّرت إلى الأبد.
كان هو القائد الذي لا تحتاج أن تراه كي تعرف أنك في حضرته.
واليوم، وأنا أكتب، أسمع صدى صوته في الردهات. أراه على طرف المكتب، يبتسم ويرفع سبابته: “احكي من قلبك.”
شكرا… لكل شيخٍ أو مسنّة همس بدعاء لا أعلم وقعه، لكنه خفّف حملي في أصعب التغطيات.
شكرًا لكل أم أعطتني اسم طفلها لأذكره في التقرير، وكل أب قال لي: “احكي عنا.”
شكرًا لكل إنسانية أذابت المايكرفون بين يدي، وجعلتني أنتمي للصوت أكثر من الانتماء للقناة.
شكرًا لكل حربٍ وقفتُ فيها على الحدّ الفاصل بين الحياة والخوف، وكل ملفٍ سياسي دخلته وعرفت من خلاله هشاشتنا كصحفيين مهما بدا صوتنا واثقًا.
وشكرًا، نعم شكرًا… لكل من خذلني، لكل من طعن، لكل من استكثر عليّ نجاحًا أو منصبًا أو حتى فرحة.
أؤمن أن الخذلان لا يُقصمك… بل يكشف لك من أنت. وأن الغدر، مهما اشتدّ، لا يمنعك من أن تُكمل، بل يجعلك تمضي أصدق، أوضح، أنقى.
أنا لا أترك مهنة. أنا أترك حياة، بحجم وطن صغير اسمه “المكتب”.
أغادر، وأنا أحمل معي كل شيء: وقع الأقدام في الممرات، صدى الضحك قبل البث، الرعشة قبل العدّ التنازلي، وارتياح جملة “أنت على الهواء الآن”.
أغادر العربية والحدث… وأبقى ممتنًا، صادقًا، مليئًا بما لا يُقال، وماضٍ.
أغادر… لكن قلبي سيبقى على الهواء دائمًا.
إلى اللقاء، لا وداع.

أخبار متعلقة