جولة ترامب الخليجية وتقاطع الملفات الإقليمية والدولية

جولة ترامب الخليجية وتقاطع الملفات الإقليمية والدولية
جولة ترامب الخليجية وتقاطع الملفات الإقليمية والدولية
نتظر الشرق الأوسط وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في زيارة تستمر حتى 16 مايو 2025، وتشمل كلًّا من السعودية وقطر والإمارات. وتأتي في سياق إقليمي مضطرب، ووسط تحولات جوهرية وتقاطع في الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية الدولية

الدار -   غادر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب متجهًا إلى المملكة العربية السعودية، في أولى زياراته الخارجية الرسمية، وتأتي زيارته إلى دول الخليج العربي في توقيت حاسم حيث يتقاطع فيها تأثير التغيرات الإقليمية مع أولويات السياسة الأمريكية، وتسلط الزيارة الضوء على التعاون الخليجي-الأمريكي في ملفات حيوية مثل السياسة الإيرانية، والقضية الفلسطينية، والعلاقات العربية-الإسرائيلية، حيث تتصدر الدول الخليجية المشهد كداعم أساسي لجهود السلام، بينما يسعى ترامب للتركيز على تهدئة النزاعات وتقليص الطابع العسكري الأمريكي في المنطقة.

ينتظر الشرق الأوسط وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في زيارة تستمر حتى 16 مايو 2025، وتشمل كلًّا من السعودية وقطر والإمارات. وتأتي في سياق إقليمي مضطرب، ووسط تحولات جوهرية وتقاطع في الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية الدولية. وبالنظر إلى أولويات إدارة ترامب الثانية وتوجهاتها، والسياق العام لزيارته، وملامح التحولات في المنطقة، يُرجّح أن تنطوي الزيارة على نتائج استراتيجية تُسهم في تحديد معالم المرحلة المقبلة، وتعمل على صياغة الأدوار والتوازنات بين القوى الإقليمية، بما يُكسبها بُعدًا استراتيجيًا يتجاوز طابع زيارته الأولى للمنطقة في عام 2017، والتي تركزت نتائجها على المستوى الاقتصادي. 
جولة ترامب: ملفات الاقتصاد السياسي
يستهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أولى زياراته الخارجية إلى دول الخليج، للمرة الثانية، بعدما كانت السعودية وجهته الخارجية الأولى خلال إدارته الأولى في مايو 2017. وحيث تتقاطع الزيارتان في العلاقات الاقتصادية المتقدمة بين دول الخليج والولايات المتحدة، خاصة أن دولًا خليجية سارعت إلى الكشف عن خططها الاستثمارية والاقتصادية مع تنصيب ترامب رئيسًا، فقد أعلنت السعودية عن خطة تمتد لأربع سنوات، تتضمن استثمارات بقيمة 600 مليار دولار، مرشحة للزيادة، كما أعلنت الإمارات عن استثمارات بقيمة 1.4 تريليون دولار على مدى عقد. وليس ذلك فحسب، إذ تلعب دول الخليج دورًا هامًا في نجاح سياسات إدارة ترامب النقدية، وتحديدًا في أسعار النفط التي طالب ترامب من السعودية ومنظمة أوبك بخفضها، من خلال زيادة الإنتاج ومراجعة قرار "أوبك بلس" القاضي بخفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا منذ أكتوبر 2022.
في الواقع، يُعد خفض أسعار النفط عاملًا محوريًا في خطة ترامب النقدية، إلى جانب ضغوطه على البنك الفيدرالي الأمريكي لخفض أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى انخفاض أسعار السلع وزيادة حركة المنتجين والمستهلكين، وبالمحصلة دعم نمو الصناعات الأمريكية، التي ترى إدارة ترامب أنها ستكتسب زخمًا إضافيًا بعد فرض تعريفات جمركية على دول العالم. وفي هذا السياق، تقاطعت أهداف دول "أوبك بلس" مع أجندة ترامب المالية، إذ اتفقت ثمانِ دول على خطة تدريجية لرفع إنتاجها من النفط، تبدأ بزيادة قدرها 411 ألف برميل في يونيو 2025.
علاوة على ذلك، تتشابك أسعار النفط مع الصراعات الجيوسياسية الدائرة، خصوصًا في الحرب الروسية–الأوكرانية، إذ تنظر واشنطن إلى واردات النفط الروسية كمصدر لتمويل الحرب، ويربط ترامب بين خفض الأسعار وزيادة الضغوط على موسكو، لدفع المحادثات الروسية–الأوكرانية نحو نتائج إيجابية. وفي الواقع، تمتلك دول الخليج تأثيرًا على مجريات الحرب، فقد استضافت السعودية الجولة الأولى من المحادثات بين الدولتين برعاية الولايات المتحدة في 23 و24 مارس، كما استضافت اجتماعات بين مسؤولين روس وأمريكيين في فبراير 2025.

ويمكن القول إن الدول الخليجية الثلاث نجحت في الحفاظ على قنوات تواصل روسية–أوكرانية طوال فترة الحرب، عبر أدوارها في تبادل الأسرى، من بينها الوساطة الإماراتية في مارس 2025، التي أسفرت عن إطلاق نحو 350 أسيرًا من الطرفين، والوساطة القطرية في فبراير 2025، التي أعادت "لمّ شمل" عدد من الأطفال الروس والأوكرانيين بعائلاتهم. وفي الواقع، سارت الدول الخليجية الثلاث في ظل تحديات واسعة، في مقدمتها تمسك إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن والدول الأوروبية بالعقوبات المفروضة على روسيا، ودعم أوكرانيا عسكريًا كأولوية على الضغط باتجاه وقف الحرب. لكن في ظل ضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على كل من روسيا وأوكرانيا لوقف الحرب، يُحتمل أن تشهد الحرب اختراقًا وشيكًا، بالنظر إلى عدة مؤشرات، من بينها: اقتراح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 10 مايو 2025 مفاوضات مباشرة مع كييف دون شروط مسبقة، بعد جولتين من المحادثات غير المباشرة في السعودية (23–24 مارس 2025)، ثم تركيا (15–16 أبريل 2025).
 جولة ترامب: السياق والأولويات
تأتي زيارة ترامب إلى الدول الخليجية الثلاثة في ظل سياق إقليمي متغير، تلعب فيه تلك الدول إلى جانب واشنطن دورًا محوريًا، سواء في ملف الحرب في قطاع غزة، أو التغيير الذي شهدته سوريا، أو التحول الذي تشهده لبنان. وصحيح أن دول الخليج وسائر الدول العربية عارضت طروحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير أهالي قطاع غزة في يناير 2025، وقدمت خطة بديلة تتضمن إعادة إعمار تدريجي للقطاع مع الإبقاء على ساكنيه، وتم اعتمادها في القمة العربية التي عُقدت في القاهرة أوائل مارس 2025، إلا أن قدرة واشنطن على ضبط المشهد الإقليمي المتغير دون العودة إلى الدول الخليجية ومصر والأردن يُعتبر أمرًا بالغ الصعوبة وغير معتاد في سياسات أمريكا تجاه الشرق الأوسط.
فخلال إدارته الأولى، كانت الدول العربية جزءًا من توجهات ترامب في المنطقة، وبخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. فقد عرقلت معارضة الأردن ومصر المضي في تطبيق خطة ترامب للسلام المعروفة بـ "صفقة القرن"، بينما كان للعمل متعدد الأطراف دورٌ في ردع السياسات الإسرائيلية. إذ دفعت "اتفاقيات أبراهام" بين الإمارات والبحرين وإسرائيل في سبتمبر 2022، نحو تعليق الأخيرة مخططاتها لضم غور الأردن، كما جاء في البيان المشترك للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الإماراتي محمد بن زايد -ولي العهد حينها- عقب الاتفاق. وفيما تعكس تلك المواقف تمسك واشنطن بالسياسات متعددة الأطراف إقليميًا، فهي أيضًا توضح جانبًا من الخلافات الأمريكية-الإسرائيلية. إذ تسعى واشنطن لترجمة التحولات الإقليمية الأخيرة ونتائج الحرب في قطاع غزة والجبهات الثانوية إلى مكاسب استراتيجية سياسية على مستوى الإقليم، لا سيما ما يتعلق منها بالعلاقات العربية-الإسرائيلية، وتوسيع اتفاقيات التطبيع، والحصول على تنازلات من إيران بشأن برنامجها النووي.
إلا أن التحركات الإسرائيلية الأحادية تأتي بنتائج عكسية على قبول إسرائيل الإقليمي، وحضور الولايات المتحدة في المنطقة، وتضع واشنطن وسط حلقة مفرغة من الاستنزاف التي يسعى ترامب لتضييقها، بينما تعمل إسرائيل على توسيعها. كما تحاول إسرائيل فرض تصوراتها لمستقبل الإقليم بالقوة العسكرية ضد خصومها، والقوة الاستعراضية ضد بقية دول المنطقة. إذ استأنفت الحرب في قطاع غزة في 17 مارس 2025 بعد أن توصلت مع حركة حماس إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في 19 يناير 2025، والذي أشرف عليه دونالد ترامب قبيل تنصيبه. وفي 4 مايو 2025، وافق الكابنيت الإسرائيلي على خطة لتوسيع العمليات في غزة. وقد ظهرت بوادر هذا التباين في الاتفاق المبدئي الأمريكي مع الحوثيين لوقف الهجمات المتبادلة في 6 مايو 2025، والذي لا تشمل نتائجه إسرائيل. كما ظهر التباين أيضًا في المفاوضات الأمريكية مع إيران بشأن برنامجها النووي، حيث عقدت منها أربع جولات خلال أبريل ومايو 2025، رغم الضغوط الإسرائيلية بتوجيه ضربة عسكرية حاسمة ضد البرنامج النووي الإيراني. وقد كان لهذا التباين كُلف على الإدارة الأمريكية نفسها، حيث تصاعد التصادم بين مؤيدي المفاوضات وداعمي الضربات العسكرية، مما أدى إلى إقالة مستشار الأمن القومي مايكل والتز، ويهدد بمزيد من التصدعات داخل الإدارة.

تقاطع للمصالح الأمريكية الخليجية
تأتي أهمية زيارة ترامب لدول الخليج الثلاث بالنظر إلى ما يُمكن لتلك الدول، إلى جانب الدول العربية الأخرى، تقديمه لبرنامج إدارة ترامب الواسع محليًا ودوليًا وإقليميًا. وفي حين نوقشت القضايا المحلية والدولية سابقًا، فإن الدول الثلاث تمتلك المكانة والإمكانية للمساهمة في القضايا الأكثر أهمية بالنسبة لإدارة ترامب تجاه الشرق الأوسط، والمتمثلة في السياسة الخارجية الإيرانية وبرنامجها النووي التسليحي، والعلاقات العربية-الإسرائيلية لا سيما في إطار التعاون الاقتصادي والعسكري، والسياسات الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وتلك القضايا الثلاث مرتبطة ببعضها البعض، وبينما حققت الحرب ما يُمكن تحقيقه في المنطقة، من تحجيم لدور الكيانات المسلحة دون الدول، وتراجع حضور إيران ونفوذها في المنطقة، فإن المنطقة حاليًا تقف على أعتاب إعادة تشكيل في موازين القوى ومعالمها المستقبلية. وفي الواقع، بينما تُراقب دول الخليج والمنطقة التحركات الإسرائيلية ومحاولتها فرض نفوذها وهيمنتها، فإنها تُدرك أيضًا أن مضي إسرائيل في ذلك، ودعم واشنطن لها، سوف يصطدم بالنهاية مع متطلباتها وتصوراتها. ويؤثر ذلك بشكل مباشر على ملفات مثل التطبيع السعودي مع إسرائيل، والذي بات يشمل كذلك ملفي التطبيع مع سوريا ولبنان. حيث تتمسك السعودية بموقفها في ربط التطبيع مع إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وقد أطلقت في سبتمبر 2024 تحالفًا دوليًا لتنفيذ حل الدولتين. بالإضافة إلى الدور المحوري للدول الخليجية والعربية في اليوم التالي من الحرب في قطاع غزة، سواء في معادلات الأمن أو إعادة الإعمار، حيث حددت الإمارات قيام الدولة الفلسطينية كشرط لدعم "اليوم التالي" من الحرب، بما يتضمن ذلك من استعدادها للانضمام إلى قوة متعددة الجنسيات في قطاع غزة، وفقًا لما صرح به وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان في 14 سبتمبر 2024.
ومن المُلاحظ أن التقارب الخليجي-الأمريكي حول مستقبل المنطقة والقضية الفلسطينية أصبح أكثر تجانسًا منه مع الموقف الإسرائيلي-الأمريكي. وقد أوجدت واشنطن مسارًا موازيا لذلك بمشاركة من الدول العربية، من بينها إعلان واشنطن في 6 مايو 2024 عن دمج مكتب الشؤون الفلسطينية بالسفارة الأمريكية في القدس. تلاها إشارة وكالة رويترز في 7 مايو عن مناقشات لإنشاء إدارة أمريكية مؤقتة في قطاع غزة بمساعدة تكنوقراط فلسطينيين، ثم إعلان حركة حماس الإفراج عن الجندي الأمريكي-الإسرائيلي عيدان ألكسندر في 12 مايو بعد مفاوضات مع الإدارة الأمريكية، بالتزامن مع زيارة ترامب للمنطقة. إضافة إلى ترتيب الرياض للقاء بين حسين الشيخ، الذي عُين نائبًا للرئيس الفلسطيني في 26 أبريل، وبين مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف في يناير 2025 ضمن إجراءات تمكين السلطة الفلسطينية من إدارة القطاع، ولقاء حسين الشيخ بولي العهد السعودي محمد بن سلمان في أولى زياراته الخارجية بعد تعيينه في 8 مايو 2025. بالإضافة إلى الدور الخليجي والعربي في ملفات أخرى مهمة، من بينها سوريا ولبنان، والتي تعتمد فيها واشنطن على العمل متعدد الأطراف مع الدول التي تجمعها بها علاقات استراتيجية، لا سيما تركيا، وإسرائيل، والأردن، ودول الخليج. كما تلعب السعودية دورًا في إعادة ترتيب العلاقات بين سوريا ولبنان، حيث رعت في مارس 2025 اتفاقًا لترسيم الحدود المشتركة بين البلدين والتنسيق بشأنها. في حين تلعب قطر دورًا مساهماً في الاستقرار المالي، حيث قدمت لدمشق منحة مالية شهرية بقيمة 29 مليون دولار لتمويل رواتب موظفي القطاع العام، بعد أن حصلت على إعفاء أمريكي من العقوبات. وتتكامل دول الخليج العربي في رؤية واحدة حول وحدة سوريا؛ إذ استقبلت الإمارات، الشرع في 13 أبريل 2025، وبالرغم من نفي أبوظبي لما نقله موقع "فرانس 24" عن ثلاثة مصادر مطلعة لوكالة "رويترز"، أن الإمارات فتحت قناة اتصال غير معلنة بين إسرائيل وسوريا تتركز على الملفات الأمنية والاستخباراتية، إلا أن الحكومة السورية المؤقتة تهدف لتقليل التوترات وتهدئة المخاوف الإسرائيلية.

النتائج المُتوقعة للزيارة
ستأتي نتائج الزيارة على صلة وثيقة بأولويات الإدارة الأمريكية المحلية والدولية، وتلك المتعلقة بالشرق الأوسط، سواء في انعكاساتها على الرسائل الاقتصادية والمالية التي سيقدمها ترامب للأمريكيين، أو في توجهات ترامب الداعية للسلام وتقليص الطابع العسكري الأمريكي مقابل التركيز على الحمائية الأمريكية. وهذا يعني تحقيق اختراقات في النزاعات الدائرة، سواء في القارة الأوروبية أو الشرق الأوسط والشرق الأقصى. وفيما تُناقض إسرائيل تلك التوجهات بمحاولتها الدفع ببرنامج إدارة ترامب نحو أضيق حدوده، فإن دول الخليج الثلاث يُمكنها وتبدو مُستعدة للمُبادرة في دعمه على مختلف المستويات الاقتصادية والسياسية الأمريكية والدولية.
وبذلك، فإن البُعد الاقتصادي المتحصل من الزيارة، بما يشمله من عقود ووعود استثمارية، وصفقات دفاعية وتسليحية، سوف يحتل جزءًا كبيرًا من تركيز ترامب لما بعد الزيارة. لكن على العكس من زيارته في إدارته الأولى التي استندت على الاقتصاد، فإن الدول الثلاث سوف تُقدم لترامب ما يحتاج لتسويقه، خاصة في ظل الانتكاسة المؤقتة التي تعرض لها بعد قراراته برفع التعرفة الجمركية على دول العالم، والتي ضاعفت المخاوف من دخول الاقتصاد الأمريكي والعالمي في حالة ركود، ثم مواجهة موجة من المظاهرات ضد سياساته في مدن أمريكية عدة خلال أبريل 2025.
في المقابل، سيكون مطلوبًا من ترامب تقديم مواقف وإعلانات تتناسب مع متطلبات تلك الدول، سواء في الموقف الأمريكي من سوريا، أو ما يتعلق منها بالحرب في قطاع غزة، أو عموم القضية الفلسطينية. إذ من الواضح أن التحرك الأمريكي بشأن الحرب في قطاع غزة أصبح مُتسارعًا قبل زيارة ترامب، إذ أُعلن عن وجود مفاوضات مباشرة بين واشنطن وحركة حماس، قدم خلالها المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف، مقترحًا لصفقة جزئية للإفراج عن عشرة أسرى مقابل وقف القتال لمدة 70 يومًا، يتم خلالها التفاوض على صفقة نهائية. وقد نال المُقترح موافقة إسرائيلية أولية، تمثلت في توجه وفد المفاوضات الإسرائيلية للدوحة في 13 مايو 2025، بالتزامن مع برنامج زيارة ترامب للمنطقة؛ ما يعني أن إعلان ترامب وقف إطلاق النار من السعودية يبدو أمرًا واردًا. وبشكل عام، فإن حجم تلك المواقف والإعلانات لا يتمحور فحسب حول اتجاهات تلك الأحداث، بقدر ما يرتكز على موازنة دول الخليج لفاعليتها السياسية والدبلوماسية في مواجهة الإجراءات العسكرية والتصعيدية الإسرائيلية، ويحد من نتائج إجراءاتها الأحادية بل ويضع كُلفًا سياسية عليها.
في الواقع، فإن أبرز ما يُمكن أن تُنتجه الزيارة هو العودة بالمنطقة إلى ما قبل السابع من أكتوبر 2023 من جهة مسارات السلام والمصالحات والتهدئة، مع فارق جوهري: تراجع في أدوار الجماعات المسلحة والكيانات ما دون الدول، خاصة وكلاء إيران، وبالتالي تحجيم السياسة الإيرانية الخارجية التي اتسمت خلال إدارة ترامب الأولى بالتصعيد ضد الولايات المتحدة ودول المنطقة. وهذا التوجه من شأنه أن يُشكل حرجًا للحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو، ويعرقل مخططات وزرائه المتطرفين، ويضعهم في مواجهة مع الداخل الإسرائيلي.
وأخيرًا، قد لا تُعلن كافة نتائج الزيارة، لكنها ستُشكل مناسبة هامة في عكس الاتجاه الإقليمي السائر نحو إدامة النزاعات، ووضع آليات عربية-أمريكية في ملفات الحروب وعوامل عدم الاستقرار القائمة، سواء في قطاع غزة أو لبنان أو سوريا.

أخبار متعلقة