تقدير موقف: هل تخلت إيران عن الحوثيين في اليمن؟

إيران
إيران
-في 3 مارس 2025، نقلت صحيفة “تلغراف” البريطانية عن “مسؤول رفيع” في إيران قوله إن طهران قررت سحب قواتها العسكرية من اليمن ووقف دعمها لجماعة الحوثيين، بالتزامن مع تكثيف الولايات المتحدة ضرباتها الجوية ضد الحوثيين وتحذيرات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإيران بضرورة وقف دعمها لهذه الجماعة.
تقديم: أثارت معلومات بشأن سحب إيران لدعمها إلى جماعة الحوثي في اليمن أسئلة بشأن تحوّلات محتملة تجريها إيران على سياساتها الخارجية بالنظر إلى الضغوط العسكرية والسياسية والاقتصادية التي تتعرض لها، والتي اشتدت في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ورغم أن المعلومات صدرت عن وسيلة إعلام في بريطانيا واحتمال نفيها من قبل طهران، غير أنها تمثّل تسريبا أوليا لما يمكن أن تذهب إليه طهران من تموضع جديد.

-في 3 مارس 2025، نقلت صحيفة “تلغراف” البريطانية عن “مسؤول رفيع” في إيران قوله إن طهران قررت سحب قواتها العسكرية من اليمن ووقف دعمها لجماعة الحوثيين، بالتزامن مع تكثيف الولايات المتحدة ضرباتها الجوية ضد الحوثيين وتحذيرات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإيران بضرورة وقف دعمها لهذه الجماعة.
-فيما لم يصدر تأكيد أو نفيّ من طهران، فإن التطوّر يؤكد وجود قوات إيرانية في اليمن واعتراف بدعم طهران للحوثيين على النقيض التام من رواية إيرانية رسمية كانت تكرر عدم علاقة إيران بالجماعة في اليمن والتأكيد على أن قرار الحوثيين مستقل عن أي قرار أو أجندات تصدر عن طهران.
-نشرت الصحيفة أن المسؤول الإيراني قال إن هذا القرار اتُخذ بهدف “تجنّب مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة في حال مقتل جندي إيراني”. وبحسب التقرير، فإن طهران تقوم بإعادة تقييم سياستها تجاه “الجماعات الوكيلة” في المنطقة، مع تركيزها الأساسي الآن على “التهديدات المباشرة من جانب الولايات المتحدة”.
-تضيف الصحيفة أنه نقلا عن نفس المصدر ، فإن الشاغل الأول للمسؤولين الإيرانيين هو كيفية التعامل مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وسياساته، وأن اجتماعات المسؤولين في طهران لم تعد تتطرق إلى الفصائل التي كانت طهران تدعمها سابقا.
-يرى مراقبون أن التسريب الإيراني عبر منفذ إعلامي بريطاني هدفه إبلاغ واشنطن عبر لندن عن تحوّلات تحدث في طهران بشأن علاقاتها مع أذرعها في المنطقة وهي قضية كان وزير الخارجية الروسي، فلاديمير بوتين، قد كشف، في 12 مارس، أنها من ضمن القضايا التي تويد واشنطن مناقشتها مع طهران إضافة إلى البرنامج النووي والبرنامج الصاروخي.
-يضيف المراقبون أن الإشارة في هذا التسريب إلى انشغال قادة إيران بترامب وسياساته تهدف إلى مخاطبة الرئيس الأميركي ومداراة حاجته إلى الاعتراف بتميّزه وقدراته أمام الرأي العام الأميركي والدولي. وأن هذه الإشارة تمثّل قطيعة مع الخطاب الرسمي الإيراني منذ مقتل قاسم سليماني، في أوائل يناير 2020، إلى درجة إعلان أجهزة الأمن الأميركية عن اكتشاف خطط إيرانية لاغتيال ترامب.

-يأتي التحوّل في الخطاب الإيراني بعد أكثر من أسبوعين على بدء الولايات المتحدة شنّ حملة عسكرية ضد جماعي الحوثي في 15 مارس، ما يعني أن طهران تتوقع خروج ورقة الحوثيين من حسابات موازين القوى على طاولة أي مفاوضات مع واشنطن. كما يأتي هذا التحوّل بعد فقدان إيران لنفوذها في سوريا ولبنان واستجابة العراق لضغوط أميركية لضبط سلوك الفصائل التابعة لإيران هناك.
-يأتي هذا التطوّر بعد تسليم أنور قرقاش، مستشار رئيس دولة الإمارات، طهران، في 12 مارس، رسالة ترامب إلى المرشد علي خامنئي، والتي كشف وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي أن فيها لهجة تهديد، ويأتي أيضاً بعد 5 أيام من إعلان عراقجي، في 27 مارس، أن بلاده قد سلّمت، عبر سلطنة عُمان، ردها على رسالة ترامب، والذي تضمن قبولا بإجراء مفاوضات “غير مباشرة”، أي الاستمرار في رفض عرض ترامب لمفاوضات مباشرة.
-قال المصدر الإيراني للصحيفة البريطانية إن طهران باتت ترى أن الحوثيين لن يتمكنوا من الصمود طويلا أمام الضربات الأميركية، وأن الجماعة فقدت جزءا من الدعم الذي كانت تعتمد عليه من قبل حزب الله ونظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، “مما يجعل استمرارها أمرا غير منطقي”. وان الرأي في طهران هو أن الحوثيين لن يتمكنوا من البقاء وهم يعيشون أشهرهم أو حتى أيامهم الأخيرة، لذلك لا فائدة من إبقائهم على قائمتنا (…) هكذا يتحدث النظام في طهران”.
-في 1 أبريل، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن “هجومًا واسعًا على الأراضي الإيرانية قد يحدث قريبا إذا لم تحدث تطورات خاصة”، مشيرة إلى أن الهجوم قد يكون “قريبًا جدًا”. وأوضحت تقارير أن إيران ستتلقى “ضربة قاسية لم يسبق أن تعرضت لها أي دولة مستقلة منذ الحرب العالمية الثانية”، وأن المشروع النووي الإيراني سيُستهدف بشكل قاتل، بالإضافة إلى الحرس الثوري الإيراني الذي قد يتعرض لعملية قاسية قد تصل إلى تغيير النظام في إيران.
-تقول مصادر إيرانية مراقبة إنه، بغض النظر عن التهويل الإسرائيلي بشأن صدام عسكري مع إيران، إلا أن طهران تعتقد أن خيارا عسكريا بدأت دوائر البنتاغون مناقشته، وإن كانت طهران ما زالت تعتبر أن أي ضربة عسكرية ستكون محدودة ولا ترقى إلى مستوى التهديد الوجودي للنظام في طهران، وتبقى في إطار الضغط على إيران للذهاب إلى المفاوضات المباشرة.
-يعتقد خبراء أن إيران تقدم تنازلا غير مكلف بالنظر إلى تراجع قيمة الدعم الإيراني للحوثيين في ظل الحملة الأميركية الأخيرة، لكنها تلاقي ترامب في ملف اليمن من دون أن تُظهر أي تنازل حتى الآن في مسألة أن تكون المفاوضات غير مباشرة وأن لا تشمل ملفات خارجة عن ملف البرنامج النووي.
-يرى معلقون أميركيون أن ترامب صادق في إيمانه بالتفاوض وأن الضربات العسكرية الأميركية المحتملة تعطي ثمارها مع إيران، وأن تلك التي شنّتها إسرائيل داخل الأراضي الإيرانية كانت فاعلة، ودمرت قسما كبيرا من قدرات إيران الدفاعية. ويضيف هؤلاء أن التحوّلات الإيرانية هدفها تجنّب الخيار العسكري حتى لو كان تكتيكيا لا يرقى إلى مستوى الحرب الشاملة.

خلاصة:

**تلمح إيران عبر التسريبات لصحيفة بريطانية، حتى لو عادت ونفتها بعد ذلك، إلى نقاش داخل طهران يأخذ بالاعتبار تغيّر موازين القوى بعد فقدانها لأوراقها في المنطقة بما في ورقة الحوثي في اليمن.
**يكشف التطوّر عن أخذ طهران الضغوط الأميركية بعين الاعتبار وأن مصادرها لم تعد تنفي احتمال استخدام واشنطن للخيار العسكري.
**تلوّح طهران باستعدادها لملاقاة ترامب في حملته ضد الجماعة في اليمن من خلال التلويح بقرار سحب دعمها وقواتها من اليمن على الرغم من تكرارها السابق بعدم وجود هذا الدعم وتأكيد أن قرار الحوثيين مستقل عن طهران.
**تخاطب التسريبات شخصية ترامب لجهة الاعتراف بسياساته وقدراته وانشغال طهران بها، وهو ما من شأنه أن يرضي ترامب في سعيه للتفاوض.
**تقطع هذه التسريبات مع سردية إيرانية بمقاطعة ترامب منذ اغتيال قاسم سليماني والتهديد باغتياله، وهو أمر اكدته اجهزة مخابرات أميركية.
**يرى مراقبون ان إيران تقدم تنازلا غير مكلف بعد أن فقدت أيران ورقة دعمها للحوثيين في ظل الحملة التي أطلقها ترامب صد الجماعة في اليمن.
**التسريبات تأتي مكمّلة لرسالة الرد على رسالة ترامب للمرشد والتي بعثت بها إيران إلى واشنطن عبر عمّان، وقد تكون ترميما لأي قصور من المحتمل أنه ورد في رسالة الردّ.

مركز تقدم للسياسات

أخبار متعلقة