الضربات الجوية الإسرائيلية والهجمات الصاروخية الإيرانية شارفت على دخول يومها الخامس، دون أن تطفو على السطح بوادر حقيقية للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي يفضي إلى وقف الهجمات بين الطرفين.
ورغم تكثيف الجولات الدبلوماسية على الصعيد الإقليمي والعالمي بهدف وقف التصعيد، إلا أن الكولسات الدبلوماسية التي تابع موقع "الدار الإخباري" مخرجاتها لم تحمل أي دلالات ملموسة على قرب التوصل إلى أي انفراجة ممكنة بين الأطراف.
-جغرافية الأردن السياسية.. معضلة تفافم التحديات
الصراع بين تل أبيب وطهران ألقى بظلاله فورا على الأردن الذي تحتم عليه جغرافيته السياسية أن يتأثر بشكل إلزامي في أغلب أزمات الإقليم رغم عدم انخراطه في تشكيل أو نزع فتيل تلك الأزمات.
ولم تقتصر آثار النزاع على الأردن على المستوى الأمني فقط، بل تعدت إلى أبعد من ذلك وصولا إلى الآثار الاقتصادية، والاجتماعية والأمن الاستراتيجي في قضايا الطاقة والماء، وفي حال اتساع شكل الصراع وطول أمده فإن تلك الآثار قد تصل إلى أمور تتعلق بالأمن الغذائي وغيره.
ومنذ بدء الأزمة أقدمت المملكة على تشكيل خلية للأزمة تدير خططا دقيقة ومفصلة، وتتخذ قراراتها بناء على المصلحة العليا للبلاد، بدءا من حماية الأجواء الأردنية ورفض أن تكون مرتعا لأي طرف كان، وصولا إلى إغلاق الأجواء أمام حركة المسافرين بشكل مؤقت.
كما دأبت المؤسسات الرسمية على مواجهة معضلة أخرى تمثلت في إغلاق الاحتلال لحقل "لفاثيان" للغاز والذي يزود المملكة بما يزيد عن 97% من حاجتها من الغاز الطبيعي الذي يوظف لتوليد الكهرباء، حيث أكدت على تفعيل خطة طوارئ للتحوط من احتياجاتها وضمان ديمومة العمل بكفاءة.
وفي هذا المنطلق قلل الخبير في مجال الطاقة عامر الشوبكي من احتمالات حدوث انقطاعات وشيكة في التيار الكهربائي داخل الأردن، مشيرًا إلى أن المنظومة الكهربائية الوطنية تتمتع بمستوى عالٍ من الجاهزية والمرونة.
غير أن التحدي الأبرز يتمثل في ارتفاع الكلف التشغيلية، خاصة في حال اضطرت شركة الكهرباء الوطنية إلى استخدام بدائل أعلى تكلفة، مثل زيت الوقود الثقيل أو الغاز المسال المستورد عبر ميناء العقبة، حسب الشوبكي.
ووفقا لتقديرات الشوبكي، فإن كلفة التوليد قد تتضاعف في حال طال أمد توقف إمدادات الغاز من “لفاثيان”، لا سيما خلال ساعات الليل وفترات الذروة في فصل الصيف، حيث يقل اعتماد الشبكة على الطاقة الشمسية وتزداد الأحمال، ما يفرض تفعيل الخطط البديلة بسرعة وكفاءة.
ويؤكد الشوبكي أن الأردن يمتلك مقومات متقدمة في أمن التزود بالطاقة مقارنة بجيرانه، إذ تحتفظ كل محطة توليد كهرباء تقليدية في المملكة بمخزون كافٍ من الديزل أو زيت الوقود يمكنها من التشغيل لمدة تصل إلى 14 يومًا، إضافة إلى وجود سفينة عائمة في العقبة تحتوي على مخزون استراتيجي من الغاز المسال، يكفي لفترة تتراوح بين أسبوع إلى عشرة أيام، ما يمنح هامشًا آمنًا لإدارة الطوارئ قصيرة الأمد.
-إغلاقات الأجواء والتكلفة الاقتصادية
معضلة أخرى واجهت المملكة منذ بدء الأزمة تمثلت في الإغلاقات المتكررة للأجواء الأردنية أمام حركة الطيران المدني لما لذلك من آثار اقتصادية كبرى على الاقتصاد الوطني، وعلى القطاعات الأخرى كالقطاع السياحي الذي لا زال يعاني من تبعات عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
إغلاق الأجواء أمام حركة الطيران المدني أسهمت في وقف توافد السياح إلى البلاد، عدا عن تأثيرها بشكل طفيف على استيراد وتصدير بعض السلع.
كما أدى ذلك إلى وقف شبه كامل لحركة توافد السياح إلى البلاد من انعكس بشكل سلبي على عمل قطاعات عدة في المملكة، مثل قطاع الفنادق ومكاتب السياحة والسفر والمطاعم السياحية وغير ذلك.
وسيسهم استمرار هذا الصراع وتوسعه في شلل شبه كامل للقطاعات أعلاه وتزايد خسائر شركات الطيران المحلية.
فيما لم يشكف عن حجم التكلفة المالية لاستمرار القوات المسلحة الأردنية بتنفيذ طلعات جوية لحماية الأجواء الأردنية، واسقاط المسيرات والصواريخ التي تهدد الأمن الوطني وتشكل خطرا ملموسا على حياة السكان.
-اضطرابات سلاسل التوريد تهدد الصناعات
القطاع الصناعي والتجاري ليسا خارج معادلة المخاطر، لا سيما وأنهما بعتمدان بشكل كبير على حركة الشحن في اتمام عمليات استيراد المواد الأولية وتصدير السلع إلى أكثر من 142 دولة حول العال…