"الدار" ينشر بحثا يكشف تفاصيل سيناريوهات ضرب المواقع النووية لدى إيران والاحتلال

sKhnH
موقع فوردو النووي الإيراني
الدار -   عدي صافي - حصل موقع "الدار الإخباري" على مادة بحثية معمقة تظهر السيناريوهات المحتملة لقصف أحد أطراف النزاع الإسرائيلي الإيراني المنشآت النووية للطرف الآخر.
المادة البحثية المعلوماتية التي أعدها رئيس مجلس هيئة الطاقة الذرية الأردنية د.خالد طوقان وصلت نسخة حصرية منها إلى موقع "الدار" حيث بينت النتائج المتوقعة من استهداف الاحتلال لمفاعل نووي إيراني مثل "ناتانز" أو "بوشهر".
وقال طوقان إن أسوأ سيناريو ممكن أن يتمثل في حال استهدفت "إسرائيل" منشآت نووية إيرانية مثل ناتانز (مركز تخصيب اليورانيوم) أو بوشهر (محطة طاقة نووية)، يتضمن تسرب إشعاعي كارثي نتيجة تدمير المفاعل أو المنشآت المرتبطة بها.
وعلى على سبيل المثال:
* مفاعل بوشهر: يعمل بمفاعل ماء مضغوط بقدرة 1000 ميغاواط، وفي حال تعرضه لهجوم مدمر، قد يؤدي ذلك إلى إطلاق نظائر مشعة مثل اليود-131، السيزيوم-137، والسترونشيوم-90، مما يشبه كوارث تشيرنوبيل (1986) أو فوكوشيما (2011). التسرب الإشعاعي قد يتسبب في تلوث بيئي واسع النطاق، خاصة إذا كان الهجوم مصحوبًا بانفجارات تؤدي إلى تشتت المواد المشعة عبر الغلاف الجوي، اضافة الى تلوث مياه الخليج العربي بالمواد المشعة. 
* ناتانز: هذا الموقع مركز رئيسي لتخصيب اليورانيوم باستخدام أجهزة الطرد المركزي، قد يؤدي الهجوم إلى تسرب غاز سادس فلوريد اليورانيوم (UF6) أو اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60%. هذا التسرب يتسبب في تلوث كيميائي وإشعاعي محدود مقارنة بضرب مفاعل نووي نشط، مع تأثيرات بيئية تشمل تلوث الهواء، التربة، والمياه بالمواد السامة والمشعة. غاز UF6 شديد السمية ويتحلل عند تعرضه للرطوبة إلى حمض الهيدروفلوريك ومركبات يورانيوم قابلة للذوبان، مما يشكل خطرًا صحيًا على السكان المحليين والنظم البيئية القريبة.

وحول التأثيرات المتوقعة على دول الجوار، وتحديدًا الأردن، أظهر التحليل البحثي الذي أعده طوقان أن:
* التلوث الإشعاعي: يعتمد تأثير التسرب على اتجاه الرياح وأنماط الطقس. محطة بوشهر تقع على ساحل الخليج العربي، وفي حال حدوث تسرب، قد تنتقل الجزيئات المشعة عبر الرياح إلى دول الخليج مثل الكويت، قطر، والإمارات، وربما تصل إلى الأردن إذا كانت الرياح مواتية.
•  الأردن يبعد حوالي 1500 كم عن بوشهر، مما يقلل من احتمالية التأثير المباشر، لكن التلوث طويل الأمد (مثل ترسب السيزيوم-137 في التربة) قد يؤثر على الزراعة وسلاسل الغذاء. 
* تأثير على تحلية مياه البحر: دول الخليج تعتمد بشكل كبير على تحلية مياه البحر (معظم دول الخليج تعتمد بشكل كبير على تحلية مياه الخليج حيث تنتج اكثر  من 90% من مياه الشرب عبر التحلية).
•  تسرب إشعاعي من بوشهر قد يؤدي إلى تلوث مياه الخليج، مما يعرض محطات التحلية لخطر التلوث بالنظائر المشعة، مثل السيزيوم-137، التي يمكن أن تتراكم في الأغشية أو المياه المحلاة، مما يؤثر على جودة المياه ويرفع تكاليف المعالجة.
وأكد أن الأردن ليس في مرمى التأثير الإشعاعي المباشر بسبب المسافة، لكن التداعيات غير المباشرة (سياسية واقتصادية) قد تكون كبيرة.
وأشار إلى أن الأردن يمتلك نظام رصد إشعاعي بيئي (30 محطة) لتتبع التغيرات في الخلفية الإشعاعية، مما يساعد في الاستجابة المبكرة. 
وحول السيناريوهات المحتملة في حال تم استهداف منشآت نووية إيرانية أو إسرائيلية، وما هو الأسوأ بينها، ذكر التحليل البحثي أن:
* استهداف منشآت إيرانية: 
* تدمير جزئي: قد يؤدي استهداف منشآت مثل ناتانز إلى تعطيل عمليات التخصيب دون تسرب إشعاعي كبير، لأن هذه المنشآت تحت الأرض ولا تحتوي على مفاعلات نشطة. التأثير سيكون اقتصادي وسياسي أكثر منه بيئي.
* تدمير مفاعل بوشهر: كما ذكرنا، قد يؤدي إلى تسرب إشعاعي كارثي، مشابه لتشيرنوبيل، مع تأثيرات بيئية وصحية على دول الخليج والمنطقة.
* في يحن أن استهداف منشآت إسرائيلية سيؤدي: 
* إسرائيل تمتلك مفاعل ديمونا (نقب)، وهو مفاعل بحثي يستخدم لإنتاج مواد نووية عسكرية. استهدافه قد يؤدي إلى تسرب إشعاعي، خاصة إذا أصيب قلب المفاعل أو مستودعات المواد المشعة.
* التأثير على الأردن سيكون محدود الى حد ما بسبب قرب مفاعل ديمونا (35 كم فقط من الحدود الأردنية) وهبوب الرياح الشمالية الغربية السائدة معظم العام، التي تحمل الجزيئات المشعة بسرعة نحو مناطق جنوب شرق الأردن، هذا التلوث الإشعاعي قد يتسبب في تلوث الأراضي الزراعية، مما يهدد الصحة العامة والبيئة وعلى نطاق محدود بشكل طويل الأمد.
وأكد أن أسوأ سيناريو يتمثل في استهداف ديمونا مع تسرب إشعاعي هو الأخطر بالنسبة للأردن بسبب قربه (35 كم) واتجاه الرياح الشمالية الغربية السائدة، التي  تحمل النظائر المشعة (مثل اليود-131) إلى الأراضي الأردنية .
وهذا قد يؤدي إلى تلوث بيئي وصحي في المنطقة المحدودة التي تقع في مهب الريح ، مع تصعيد عسكري إقليمي.
أما استهداف بوشهر، رغم خطورته، يؤثر بشكل أكبر على دول الخليج بسبب تلوث مياه البحر، حسب ذات التحليل.
وحول خطورة التسرب الإشعاعي يقول طوقان: التسرب من ناتانز سيكون محدودًا نسبيًا، لأن الموقع يركز على تخصيب اليورانيوم وليس تشغيل مفاعل نووي. المخاطر تشمل تشتت غازات مشعة أو جزيئات يورانيوم مخصب، لكن التأثير على الأردن سيكون ضئيلًا بسبب المسافة (حوالي 1200 كم) وطبيعة المنشأة تحت الأرض. 
* بالنسبة للأردن، الذي يبعد حوالي 1200 كم عن ناتانز، فإن التأثير الإشعاعي المباشر سيكون ضئيلًا بسبب المسافة البعيدة وتصميم المنشأة الواقي (جدران خرسانية بسمك 2.5 متر وسقف مدعم بسمك 22 مترًا)، مما يقلل من احتمالية التسرب الكبير. ومع ذلك وفي حال  انتقال الجزيئات المشعة أو السامة عبر الرياح، فقد يحدث تلوث طفيف في التربة أو المياه الجوفية، مما يؤثر على الزراعة أو سلاسل الغذاء بشكل غير مباشر.
* تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية (حتى يونيو 2025) لم تسجل تسربات إشعاعية كبيرة من ناتانز، مما يشير إلى أن المخاطر على دول الجوار مثل الأردن تبقى محدودة، لكن التلوث الكيميائي (مثل حمض الهيدروفلوريك) قد يتطلب جهودًا للمعالجة إذا انتشر إلى مناطق أوسع.
* بوشهر: التسرب الإشعاعي من مفاعل بوشهر يُعد أكثر خطورة نظرًا لكونه مفاعلاً نوويًا نشطًا. النظائر المشعة، مثل السيزيوم-137، قد تنتقل عبر الرياح لمسافات بعيدة، لكن مدى تأثيرها على الأردن يعتمد على حجم المواد المشعة المنبعثة واتجاه الرياح. التجارب التاريخية، مثل كارثة تشيرنوبيل، تُظهر أن التلوث الإشعاعي يمكن أن يمتد لآلاف الكيلومترات، مما قد يؤثر على الأردن بشكل غير مباشر من خلال تلوث التربة السطحية. علاوة على ذلك، فإن تلوث مياه الخليج العربي يشكل تهديدًا كبيرًا لمحطات تحلية المياه في دول الخليج، التي تعتمد عليها بشكل رئيسي لتوفير مياه الشرب، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في إمدادات المياه بالمنطقة.
* ديمونا (إسرائيل): كما ذكرنا، التسرب من ديمونا هو الأخطر للأردن بسبب القرب الجغرافي (35 كم). التلوث قد يؤثر على المياه الجوفية (مثل طبقة المياه في وادي عربة) والزراعة في جنوب الأردن، مما قد يشكل خطرًا صحيًا طويل الأمد.

وفيما يتعلق بإجراءات الحماية في الأردن، بين طوقان أن المملكة تمتلك نظام رصد إشعاعي بيئي يتضمن 30 محطة، وشبكة إنذار مبكر ضد الحوادث الإشعاعية، مما يساعد في الكشف المبكر عن أي تسرب.
كما أن هيئة الطاقة الذرية الأردنية لديها مختبرات لتحليل تركيز العناصر المشعة في البيئة، مما يعزز القدرة على الاستجابة لهذه الحوادث. 

أخبار متعلقة