ويشرح الأطباء أن العمود الفقري السليم يتميز بانحناءات طبيعية على شكل حرف S، لكن المشكلة تبدأ عندما يزداد الانحناء الصدري عن 40 درجة، وهو ما يعرف طبيا بفرط الحداب. وهذه الحالة لم تعد تقتصر على كبار السن كما كان يعتقد سابقا، حيث تشير الإحصائيات الحديثة إلى أن 40% من الأشخاص في منتصف العمر يظهرون علامات مبكرة لهذا الانحناء.
واللافت في الأمر أن هذا التحول في بنية العمود الفقري يأتي نتيجة لعوامل نمط الحياة الحديث أكثر من كونه جزءا طبيعيا من الشيخوخة. فالساعات الطويلة التي نقضيها منحنين على هواتفنا الذكية - في ظاهرة تعرف باسم "عنق الهاتف" - تضع ضغطا يعادل 27 كيلوغراما على فقرات الرقبة. كما أن الجلوس المكتبي الخاطئ لثماني ساعات يوميا يكفي لإحداث اختلالات عضلية تدفع بالظهر تدريجيا نحو الانحناء.
ولحسن الحظ، يؤكد خبراء العلاج الطبيعي أن "حداب الوضعية" الناتج عن هذه العادات يمكن تصحيحه بنسبة كبيرة إذا تم اكتشافه مبكرا. والحل يبدأ بتمارين بسيطة لا تتجاوز 15 دقيقة يوميا، تركز على تقوية عضلات الظهر العلوية وتحسين مرونة الصدر.
كما أن تعديل وضعية الجلوس بحيث تكون الشاشة بمستوى العين، وأخذ فترات راحة كل نصف ساعة، يمكن أن يحدث فرقا كبيرا.
أما بالنسبة لكبار السن، فإن القصة تأخذ منحى مختلفا. وهنا يصبح الانحناء نتيجة لتغيرات هيكلية في العمود الفقري نفسه، خاصة تلك الكسور الانضغاطية الصغيرة التي تحدث بسبب هشاشة العظام. وهذه الكسور التي قد تحدث دون أي ألم واضح، تسهم في زيادة الانحناء تدريجيا، ما قد يؤثر حتى على وظائف التنفس والهضم.
والخبر الجيد أن هذه المضاعفات يمكن الوقاية منها عبر اتباع ثلاث خطوات أساسية: التغذية السليمة الغنية بالكالسيوم وفيتامين د، وممارسة تمارين المقاومة التي تركز على تقوية العضلات الداعمة للعمود الفقري وتحافظ على كثافة العظام، والفحوصات الدورية بعد سن الأربعين للكشف عن أي علامات مبكرة لهشاشة العظام.
كما أن تمارين مثل اليوغا والبيلاتس أثبتت فعاليتها في تحسين التوازن والوضعية العامة للجسم.
ويقول الدكتور أحمد عبد الرحمن، أستاذ جراحة العظام: "الظهر المستقيم ليس رفاهية، بل ضرورة للحفاظ على وظائف الجسم الحيوية. والبدء في منتصف العمر ببرنامج وقائي قد يوفر عليك سنوات من الألم والمعاناة لاحقا".