وخلال الأحداث التي استمرت على مدار 15 شهرًا من القتل والحصار في غزة، حافظ الأردن الرسمي على سياسة الدعم والإسناد الإنساني، خاصة في المحافل الدولية، مع تقديم المساعدات بانتظام إلى أهالي غزة. في المقابل، عبّر الشارع الأردني، وبـ"مباركة رسمية"، عن رفضه لممارسات الاحتلال في غزة، ولكن "بحذر"، رغم بعض الممارسات الفردية التي تجاوزت "الخطوط الحمراء"، وأسفرت عن اعتقال العشرات.
وعلى الجبهة اليمنية، وفي ظل الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، حرص الأردن، بحرفية ودهاء، على البقاء خارج دائرة الاحتكاك. فقد أعلن تصديه لأي صواريخ قد تخترق مجاله الجوي بغض النظر عن وجهتها، منأى بنفسه عن التدخل العسكري أو المواجهة مع الأطراف المتناحرة.
أما في سوريا، فقد عاش الشارع الأردني والعالم لحظات من الترقب والحذر إثر التغيير المفاجئ والسريع الذي قاده أحمد الشرع "أبو محمد الجولاني"، بصبغته الإسلامية، والذي أسفر عن انهيار الجيش السوري خلال ساعات وفرار الرئيس السابق بشار الأسد إلى روسيا. بارك الأردن الرسمي هذا التغيير، فيما بقي الشارع في انتظار انعكاسات الثورة على مليون و300 ألف لاجئ سوري في المملكة، وتأثير العلم الجديد في دمشق.
وفي هذه الفترة الزمنية، شُكِّلت في الأردن حكومة جديدة برئاسة مدير مكتب جلالة الملك والوزير السابق جعفر حسان. كما جرت انتخابات أسفرت عن مجلس نواب تصدّره حزب جبهة العمل الإسلامي، التابع لجماعة الإخوان المسلمين، في "سابقة تاريخية" كانت لتُحدث "زوبعة" لو جاءت في ظروف أخرى، لتخللها عشرات الاعتقالات واعتراضات تحت قبة البرلمان.
وفي الختام، ستُسجل هذه الأحداث المتسارعة في التاريخ الحديث كواحدة من أصعب وأهم التحديات التي عاشها صانع القرار الأردني والشارع معًا. وقد تخللتها تفاهمات ضمنية تبادلها الجميع تحت غطاء "المصلحة الوطنية العليا"، لتجنيب الأردن الدخول في مرحلة يكون فيها الجميع خاسرًا.