خبراء: الفقر والبطالة أهم أسباب ارتفاع نسب عمالة الأطفال في الأردن

file
يسعى الأردن للحد من عمالة الأطفال
ويشارك الأردن من خلال جهود رسمية وغير رسمية في محاولة للحد من هذه الظاهرة من سواء من خلال التشريعات أو الإجراءات.
الدار -   عدي صافي -  يصادف اليوم الثاني عشر من حزيران، اليوم العالمي للقضاء على عمالة الأطفال، ويشارك الأردن من خلال جهود رسمية وغير رسمية في محاولة للحد من هذه الظاهرة من سواء من خلال التشريعات أو الإجراءات.
وفي هذا السياق قالت مديرة برامج الحماية في مؤسسة انقاذ الطفل، مي سلطان إن الدراسة فتحت أبواب لعالم يعيش فيه الأطفال، لتظهر مؤشرات مقلقة حول طبيعة عمل الأطفال.
وبينت سلطان خلال حديثها في برنامج بصوتك مع عامر الرجوب على أثير إذاعة "عين" أن أخر مسح وطني كان 2016 وقدر عدد الأطفال العاملين بـ75 ألف منهم 28 ألف طفل يعملون في القطاع الزراعي.
وذكرت أنه يجب أن يكون هنالك مسح وطني جديد لتقدير عدد الأطفال العاملين في الأردن، مشيرة إلى أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6-7 سنوات يتشاركون مع ذويهم في العمل بقطاف المنتجات الزراعية ولا يحصلون على بدل مالي.
وأكدت أن الأطفال العاملين محرومين من التعليم وهو ما يحدد أن كان الطفل عامل أم غير عامل، عدا عن كونهم يتعرضون لمخاطر كبيرة خلال عملهم.
وذكرت أنه تم مناقشة الدراسة مع وزارة التنمية بهدف تطوير التشريعات والسياسات المتعلقة بعمالة الأطفال في الأردن.
وأطلقت مؤسسة إنقاذ الطفل - الأردن، دراسة جديدة بعنوان "أصوات من الحقول" حول واقع الأطفال العاملين في الزراعة في المفرق والأغوار.
وكشفت الدراسة أن 18% فقط من هؤلاء الأطفال ملتحقون بالمدارس الرسمية، فيما 65.9% منهم خارج التعليم نهائياً، كما أظهرت الدراسة أن أسباب عمل الأطفال مرتبطة بشكل رئيسي بالفقر والجهل بالقوانين.
بدوره مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض قال إن موضوع عمالة الأطفال من المواضيع الخطيرة جدا ولقيت اهتمام رسمي بالتشرؤعات إلا أنها على أرض الواقع لا زالت تتوسع بسبب توسع أسبابها الرئيسية.
وذكر أن قانون العمل الأردني يتعامل بحزم مع عمالة الأطفال ويتواءم مع القوانين العمالية في العالم، مشيرا إلى أن عمالة الأطفال لمن هم بين سن ال16 وال18 عاما مقبول اجتماعيا.
وأكد أن الحل مرتبط بسياسات الحماية الاجتماعية وسياسات التعليم والسياسات الاقتصادية.
وبين أن المجتمعات تتفاعل مع ظروف حياتها بشكل تلقائي، لا سيما في ظل غياب وجود ترشيد فعال للأطفال.
وأوضح أن الجهة الوحيدة التي تملك الصلاحية لإجراء دراسات مسحية كاملة حول عمالة الأطفال هي مركز الدراسات الاستراتيجية.
وقال إن عمالة الأطفال تعني من هم دون سن 16 يعملون في سوق العمل، اما الاعمال الخطرة مثل المحاجر والميكانيك والنجارة والبيئات التي فيها مواد كيماوية.
وأشار إلى أن الأطفال العاملين في القطاع الزراعي يعملون بالغالب مع أسرهم بشكل كامل في هذا القطاع ويحرمون من التعليم، متوقعا أن التقديرات تشير إلى وجود ما لا يقل عن 100 ألف طفل في ظل زيادة نسبة الفقر بالأرن إلى ما نسبته 35% وفق البنك الدولي.
ونوه أن مستويات الأجور لم ترتفع بما يتناسب مع نسب التضخم في المملكة خلال السنوات الماضية، محذرا من أن عمالة الأطفال تهدد مستقبل الأجيال القادمة الاردن.
وأكد أنه في ظل استمرار الفقر والبطالة بنسب متفاوتة لن تستطيع التشريعات بحل الأمر، حيث أن عمالة الأطفال منظومة متكاملة.
 وقال حسام طيفورأخصائي رئيسي قانوني بالمجلس الوطني لشؤون الاسرة ،إن عمالة الأطفال تشير إلى الأطفال بشكل عام وليس حول الأطفال الأردنيين فقط.
وذكر أنه خلال فترة اللجوء السوري كان هنالك تشغيل للأطفال اللاجئين، إلا أن الأرقام بعد النصف الأول من العام الحالي التي ستصدر ستكون أكثر دقة بحكم انتهاء فترة اللجوء.
وبين أن هنالك قوانين في الأردن تعالج مسألة عمالة الأطفال في الأردن، مثل قانون العقوبات وقانون العمل وقانون منع الاتجار بالبشر.
رئيسة قسم التفتيش على عمالة الأطفال في وزارة العمل، هيفاء درويش قالت إن دراسة مؤسسة انقاذ الطفل متخصصة بعمالة الأطفال في القطاع الزراعي وهو قطاع خطر.
وأكدت درويش على أهمية الدراسة، مشيرة إلى أن وزارة العمل تمثل الجهة الرقابية على عمالة الأطفال، ويشترك في قضية عمالة الأطفال عدد كبير من الجهات.
وبينت أنه لم يصدر أي رقم وطني رسمي بعد أخر مسح وطني في عام2016 حول عمالة الأطفال في الأردن، معتبرة أن أرقام الدراسات التي تصدر لا زالت توقعات غير مؤكدة.
وأشارت إلى أن الدراسات والمسوحات بتساعد في تكثيف الجهود والتركيز على جوانب مخفية في عمالة الأطفال بهدف التحسين والحد من عمالة الأطفال.
وأكدت أن وزارة العمل تتخذ اجراء بحق صاحب العمل الذي يوظف الطفل، فيما يكون دور وزارة التنمية الاجتماعية دورها كبير في معالجة الحالة من الناحية الاقتصادية وغيرها، بينما دور وزارة التربية والتعليم يتمثل في ضمان حصول هؤلاء الأطفال على حقهم في التعليم.
7110 جولة تفتيشية خلال 2024
وحول عدد الجولات التفتيشية التي أجرتها الأقسام المتخصصة في وزارة العمل، كشف الناطق باسم الوزارة محمد الزيود أنها بلغت (7110) للعام 2024 زيارة، وفق تصريحات سابقة.
وصرح أن عدد المنشآت التي تم زيارتها بلغ(3889) منشأة خلال عام 2024 في مختلف محافظات المملكة.
أما فيما يتعلق بعدد المخالفات والإنذارات التي حررتها الوزارة بحق منشآت خالفت القوانين ووظفت أطفالا لديها خلال العام الماضي، قال إن عدد المخالفات للعام 2024 بلغ (181) مخالفة، بينما بلغ عدد الانذارات للعام 2024 (201) إنذار.
لماذا تتزايد عمالة الأطفال؟
يرتبط انتشار ظاهرة عمالة الأطفال في الأردن بعدد من العوامل الاقتصادية والاجتماعية إذ يعد الفقر والبطالة من أبرز المحركات الرئيسية التي تدفع الأسر إلى تشغيل أطفالها، وفق تصريحات لرئيس "بيت العمال" حمادة أبو نجمة.
ويواجه الأردن حاليا معدلات بطالة مرتفعة، حيث يبلغ عدد العاطلين عن العمل نحو 418 ألف شخص ما يؤثر بشكل مباشر على قرابة مليونين ونصف المليون شخص يعيلونهم، وفي ظل تدني مستويات الأجور في العديد من القطاعات تضطر بعض العائلات إلى دفع أطفالها نحو سوق العمل لتأمين مصدر دخل إضافي يساعدها على تلبية احتياجاتها الأساسية. 
إلى جانب ذلك، قال "بيت العمال" إن انتشار العمالة غير المنظمة وارتفاع تكاليف المعيشة وضعف شبكات الحماية الاجتماعية عمّق الأزمة، كما يسهم التسرب المدرسي في تفاقم الظاهرة حيث يجد بعض الأطفال أنفسهم خارج النظام التعليمي دون بدائل حقيقية ما يدفعهم إلى الانخراط في سوق العمل.
وتابع:"على الرغم من وجود استراتيجيات وطنية وبرامج تهدف إلى مكافحة عمالة الأطفال فإن التحديات القائمة تتطلب مراجعة شاملة للسياسات المتبعة لضمان فعاليتها في معالجة جذور المشكلة".
شروط صارمة لعمالة الأطفال في القانون الأردني
القانون الأردني يحظر تشغيل الأطفال دون سن السادسة عشرة كما يفرض شروطا صارمة على تشغيل الفئة العمرية بين 16 و18 عاما، من بينها منع تشغيلهم في الأعمال الخطرة أو لساعات طويلة.
الخبير القانوني أشرف الراعي، قال إن عمالة الأطفال تعتبر من القضايا الحساسة التي تواجه المجتمعات، حيث تسعى التشريعات الوطنية والدولية إلى حمايتهم من الاستغلال وضمان حقهم في حياة كريمة وتعليم مناسب.
وأشار إلى أنه وفقاً للمادة (2) من قانون حقوق الطفل الأردني رقم 17 لسنة 2022، يُعرَّف الطفل بأنه "كل من لم يتم الثامنة عشرة من عمره"، وهو تعريف يتماشى مع الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها الأردن عام 1991، والتي تنص على ضرورة توفير بيئة آمنة للأطفال تضمن نماءهم وحمايتهم من جميع أشكال الاستغلال.
ولفت الراعي في حديثه إلى أن قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996 يحظر تشغيل الأطفال دون سن السادسة عشرة، حيث تنص المادة (73) منه على أنه “يُمنع تشغيل الحدث الذي لم يكمل السادسة عشرة من عمره بأي صورة من الصور”، كما تلزم المادة (74) أصحاب العمل بتوفير ظروف عمل آمنة إذا تم تشغيل الأطفال بين 16 و18 عامًا في أعمال غير خطرة.
وفي حال مخالفة هذه الأحكام، يتعرض أصحاب المنشآت لعقوبات تشمل الغرامات المالية، والتي نصت عليها المادة (77) من القانون، إضافة إلى عقوبات أشد قد تصل إلى الحبس بموجب المادة (389) من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960، والتي تعاقب كل من يستغل القُصّر بفرض أعمال شاقة عليهم أو يعرضهم للخطر، حسبما أشار الراعي.
وتابع الراعي "لا تقتصر المسؤولية القانونية على أصحاب العمل فقط، بل تمتد إلى الأهل أو الأوصياء القانونيين الذين قد يُجبرون الأطفال على العمل في ظروف قاسية أو تعيق تعليمهم".
وأوضح أنه وفقاً للمادة (10) من قانون حقوق الطفل الأردني، فإنه يُلزم أولياء الأمور بضمان التحاق أطفالهم بالتعليم الإلزامي، وعدم تعريضهم لأي شكل من أشكال الاستغلال الاقتصادي، وفي حال مخالفة ذلك، تنص المادة (32) من القانون نفسه على فرض غرامات مالية تتراوح بين 100 و300 دينار أردني على الوالدين أو الأوصياء الذين لا يلتزمون بإلحاق الطفل بالتعليم أو في حال ثبوت استغلالهم له بأي شكل من الأشكال.

أخبار متعلقة